الرهينة الحلقة الاخيرة للكاتبة خوله ياسين
الجزء التاسع والأخير
(( من قصة ــــــــــــ الرهينة ..... الليلة الغامضة ))
بقلمي ... / خوله ياسين ...
عَلمنا بمحتوى رسالة الأم المغدورة ، وما أصعبها عندما يشعر الإنسان بأنه سيُقتل وينتظر حتفه في أية لحظة .
أشرفت الشمس على الغروب ، والوالد أو القاتل ,, بالأصح ...!! أجل إنه القاتل مازال ماكثا في غرفة الإستجواب منذ ساعات .
نشبت نيران قلقه ، وجحظت عينيه ومن عصبيته المفرطة انتفخت أوداجه ، بَكَّتَ رجال الأمن ووبّخَهم أكثر من مرّة وفي كل لحظة يطلب مقابلتي .
الضابط رافض تماما ان يتيح لي مقابلته والتحدث إليه ، أيضا زف إليه خبر أنه ضيف على المباحث هذه الليلة بتهمة اغتيال والد ووالدة الرهينة واختتطاف ساندي .
صرخ في وجه الضابط
وقال
القاتل : ماذا ....أنا ...؟ ماذا تقول ... أنا والدها أيها الوغد ، كيف تتهمني بقتل من ليس لهم وجود وخطف ابنتي....؟ أريد محامي العائلة حالا .
الضابط :أولا أنت أخطأت في حق رجل القانون ، ثانيا لك الحق في ذلك ولن نستجوبك دون محاميك ، مقر المباحث الآن مغلق عليك الإنتظار للغد .
القاتل : سوف أُدّفعك الثمن غالي ، سوف أحطمكم جميعا ، أتعرف من أنا .... !! أنـــــ........ااا.
قاطعه الضابط .
قال : أنت الملك ونحن الحرس غدا نرى من أنت تفضل إلى الزنزانة في صمت أحتفظ بشيء من الاحترام لذاتك .
ذهبنا كلنا لنستعد ليوم مُمْتَلِىء بالعمل ونتَأَهَّبَ لنهاية القضية التي كرَّسنا فيها كل جهودنا وقوانا ، مع ان الخيوط كلها تشير إلى الجاني ولكن هناك بعض المُعضلات والمخاوف .
ذهبت مع زميلتي لبيتها وهذا كان أمر من الضابط حتى نتفادى أية عرقلات أو مخاطر .
لم أستطع أن أقفل جفني طوال الليل ، يعتريني شعور غريب ، أكاد أن أتقيء ، رياح هوجاء بداخلي بل كل الفصول تقابلت في معدتي التفكير يداهمني دماغي يكاد ينفجر كالبركان لكن سأحاول استغراق بعض الوقت من التفكير لأنام .
مرّت ليلتنا بأعجوبة ، أشرقت شمس الصباح على عيني تداعب مخاوفي و كأن أشعتها تريد أن تمسح معالم الفزع من وجهي .
أحضرت زميلتي الفطور ودعتني إلى المائدة ما إن لمحت الزاد حتى هرعت أستفرغ كل ما في معدتي ثم أصابني ارتباك ورعشة برد في أصابعي ، أسرعت زميلتي إلي لترى إذ أنا بخير .
قالت : إجلسي ما بك أأنت مريضة ؟
قلت : لا عليك مجرد توتر وهذه ردّة فعل طبيعية ، اليوم يومنا يجب أن نعثر على ساندي .
قالت : أنت متأكدة أنك بخير ...؟
قلت : نعم ... نعم لا تقلقي سأكون أفضل بعد حين .
قالت : إذا استعدي إتصل الضابط ، سنذهب فورا إلى سرايا المباحث .
إتجهنا دُون إِبْطاء إلى مقر المباحث .
يا له من شعور لا يريد أن يهجرني ، وصلنا إلى آخر المطاف في هذه الظِنَّة فلا تراجع الآن لنستقبل ما تبقى من مُلابسات الْحادِثَة وليذهب كل من شارك في هذه الجريمة إلى الجحيم .
المهم الأن يجب أن نقصد زوجة العراب ، وأن نعود إلى الفيلا لنكتشف المخبئ السري الذي ذكرته الوالدة المغدورة .
وجدنا الضابط في انتظارنا وكله أمل أن نربط كل الخيوط لنمسك برأس الثعبان الذي دبّر وخطط واستولى على حقوق عائلة الرهينة وأن نوقف قطار الخسائر الذي ألحقها بهم المجرم ، وكم نتمنى جميعنا أن تكون ساندي على قيد الحياة .
الضابط : هيا فليذهب الفريق الأول إلى الفيلا ، وأريد هذه المرّة نتائج سارّة أريد المسدس .
ميرا : نعم ومن سيذهب إلى مخبأ زوجة العراب .... ؟
الضابط : لا تكوني عجولة كل في وقته .
ميرا : أجل سيدي .
الأَمْر شَدِيد الأَهَمِّيَّة مفتاح القضية كلها في المسدس ، أدركنا الفيلا فقدمنا أنفسنا للسيدة أطلعناها على قرار المحكمة بالتفتيش ، يا إلاهي كم كانت غاضبة تركتنا وشأننا وصعدت إلى الطابق العلوي ، من هناك بدأت تراقب ما نفعل ، من وراء الستار لنافذة حجرتها أرسلت نظراتها المسمومة هناك لمحها الضابط في بادء الأمر ، لكن الغريب أنها كانت تهاتف أحدا ونحن غارقين في الحفر بعد أن عثرنا على البيت الخشبي الصغير ، تصعّدت أمور النقب لكثرة الصخور ، نحتاج لعدة حتى نقص الأعشاب البرية التي تحوٍط الباب الصغير ولكسر الصخور يهل علينا الوصول لمدخل تحت الأرض ، ذهبت إلى اسطبل الخيول لأحضر مقص تقليم الأشجار .
دخلت الإسطبل وما أحسست إلى أحدا يمسك يدي بشدّة قبل أن أحدث صوت وضع منديلا أغلق به فمي .
لم أشعر بشيء إلا عندما وصلوا بسيارتهم النقل إلى مكان منفي حينها بدأت أن استعيد رشدي من الإغماء فحملوني وألقوا بي في غرفة مظلمة و يدايا مكبلتين بحبل غليظ ، صرخت وبكيت لكن لا جدوى لا أحد يسمعني وكأنني في آخر الدنيا ، وأنا منهمكة بمحاولتي فك الحبل ، حتى سمعت جَلبَة شهقات وزفرات بهمس مختنق ، تلفت ورائي فلم أشعر بنفسي كيف وصلت زحفا إلى مصدر الصوت من دجنة الغرفة لم ألمح صاحب أو صاحبة الصَخَب وضعت وجهي على الجسد الملقى على الأرض ، حتى بكت وحاولت أن تتحرك ، خاطبتها .
ميرا : من أنت .... ؟ وماذا جاء بك إلى هنا .... ؟
فردت علي بصوت حزين تتلعثم بالكلام وكل جسدها يرتعش .
قالت : أنا المحامية ساندي فرنك .
ذهلت فاعترتني مشاعر كثيرة لا توصف ، ولا أعرف هل أفرح لأني عثرت على ساندي أخيرا ، أم أحزن على نفسي وحالها .
ميرا : سااااااندي حبيبتي صديقتي أنا ميرا ، كنت واثقة أنك على قيد الحياة ، كيف ... وماذا حدث حتى أصبحت في هذه الحالة رهينة للأوغاد .... ؟
بكت كثيرا وقالت .
ساندي : في يوم من الأيام سألت التي كنت أظنها أمي لماذا هي باردة المشاعر نحوي ماذا فعلت لتكرهني أنا ابنتها لما لا تحن علي كباقي الأمهات .
ميرا : بالتأني حبيبتي أكملي .
ساندي : في لحظة غضب ، علا صوتها قائلة : ومن أخبرك أنني أمك ..!!! حينها انتابتني الدهشة لكن كلامها بقي راسخا في ذهني ، قصدت عرابي الذي لا أفارقه الا في أوقات عملي كم أحبه أرافقه وأجلس عنده كثيرا ، أشعر في قربه بالأمان وكأنه والدي .
بعد أن أعد لي كوبا من الشكولاتة الساخنة جلس بقربي يمازحني وكأنني طفلة صغيرة ، حتى فرت من عيني دمعة لم أشعر بهروبهم من بين أهدابي فسألني ماذا يشغلني فتحدثت إليه وقلت له ماسمعته من تلك المجرمة .
سكت طويلا ثم تنهد وقال يا ابنتي اهتم بعملك ودعك من خزعبلاتها ، انها سيدة صعبة لا عليك منها من شدّة احتدام نار غيظها تهلوس بأي شيء .
ميرا : نعم أكملي غاليتي .
ساندي : لمحت في عينيه تعاسة وكدر ، فأشغلت نفسي بمعرفة ما وراء جدار الصمت و الفزع لدى عرابي .
ذهبت إلى الحمام الخاص بمن كنت أظنها أمي أخذت فرشاتها الأسنان ولملمت شعرها من على مشطها ، ثم قصدت المخبر الخاص بنا في مبنى المحكمة .
حينها عرفت أنه يستحيل أن أكون ابنتها ، فأخذت الأوراق واتجهت إلى شركة والدي وكلي غضب لما أخفى عني أنها ليست أمي فقال لي أهدأي سأخبرك كل شيء في وقته ، فأحضر لي كوبا من عصير الليمون ألقيت بالكوب أرضا حتى كسر فتصنعت أنني الملم شرائح الزجاج ، جاء ليساعدني فجرح أصبعه وجدتها فرصة لا تعوض لأعرف هل هو أيضا والدي أم لا أخذت القطعة التي طليت بدماءه ، لا أعرف لما وسوست لي نفسي بأنه ليس والدي .
عدت إلى المحمة أيضا حللت دمي ودمه فتأكدت إنه حتما ليس أبي ، بدأت أجمع الأدلة ولكن لم ألحق بأي شيء غير أنني في تلك الليلة تهجم على شقتي لصوص وها أنا ذا كما ترينني . لكن أنت ما جاء بك إلى هنا يا ميرا .
ميرا : لحسن حظك أنني كنت في الخارج ولمحت لصا يحمل كيسا قماشي كبير فتابعت القضية الأهم أنك بخير ويجب أن نحاول الهرب ، أصبحنا اثنتان .
ساندي : لكن كيف ....؟
ميرا : اسمعي أولا يجب أن تفكي لي هذا الحبل في رأسي مشبك للشعر هاتيه و حتي به الحبل حتى يقطع .
ساندي : حسنا هيا أنزلي برأسك إلى حجري أنا لا استطيع الوقوف .
ميرا : لا لالا احذري كلمة لا أستطيع لا تكرريها ثانية واحدة انسي انك رهينة ومقيدة يجب أن نتخلص منهم ، لأنهم سيقتلوننا رقابهم في كفينا على خارطة الاعتراف تقريبا ، ولدينا من المعلومات والأدلة الكثير .
في ذاك الوقت اكتشف رجال المباحث أن ميرا غير موجودة .
زميلة ميرا : أين ميرا تأخرت كثيرا أحدا منكم يذهب ليرى ماذا حلّ بها .
أَفِلَ اثنان من رجال المباحث فلم يعثرا عليها . ووجدا هناك أثار لأقدام مختلفة وغريبة على أَديم أرض الإسطبل ، بسرعة فائقة هاتفت الضابط .
قلت : سيدي ميرا خطفت .
دوى صوته غاضبا كجرس سيارته .
الضابط : أين أنتم عنها وكيف حدث هذا .... ؟ ماذا تفعلون أوجدتم علبة المسدس ...؟
قلت : سيدي عثرنا على العلبة الخشبية هي مغلقة بقفل كبير .
وأنا أتحدث للضابط حتى أبصرت السيدة تحاول الهرب .
قلت : سيدي ... سيدي المرأة صاحبة الفيلا تحاول الهرب .
الضابط : اقبضوا عليها فورا لا تعودوا إلا وهي معكم أريدها حية ترزق ، أسمعتم أريييدها حية ترزق ....!!!
قلت : أمرك سيدي .
فتحركنا إلى موقف سيارة السيدة كادت تفلت من أيدينا لكننا كنا أسرع منها فتم القبض عليها ، واتجهنا إلى مديرية المباحث .
أُحضر الرجل المدعي أنه والد الرهينة ، ودخل عليه الضابط حَانِق تكاد أوتار رقبته أن تتمزق وتخترق جلده .
الضابط : حكايتك أوشكت على النهاية ، أنطق الآن أمرت من بخطف ميرا ...؟
القاتل : لا أعرف ألست ضيفكم إبحث أنت على من قام بخطفها .
الضابط : لا عليك زوجتك المصون ضبطناها وهي تنوي على الهرب ، عاجلا سنعرف كل شيء أيها اللص المجرم ، أنكشف أمرك وفٍضح سرك .
محامي القاتل دخل الغرفة محاولا الإطاحة بالضابط مهددا بأنه سوف يحاكم الجميع لسوء معاملتهم لموكله وزوجته لأنهم من الطبقة المرموقة وشهرتهما تثبت جدارتهما و حسن سلوكهما .
فتمتم الضابط قائلا .
الضابط : سنرى من يحاكم قريبا .
أخذ الضابط رجال المباحث واتجهوا إلى مخبأ زوجة العراب ، فقبل أن تفتح لهم أسمعوها كلمة السر (( العراب )) فذهبت ومعها مفاجأة من العيار الثقيل لم تفصح عنها من قبل ، وضعتها كوديعة حفاظا على نفسها من القتل .
طلبت من الضابط لتحضر باقي المفاجأة من حيث تتواجد .
ثم توجهت دورية المباحث إلى القهوجي ليتم إحضاره للشهادة فقط .
عندما رآهم القهوجي و لمح الضابط بزييه ، انخطف لونه برد جسده وتدلت شفتيه من الدهشة
قال : ....
القهوجي : هذا اااااااااانت .... ؟ لا أكاد أصدق .
الضابط : ألم أخبرك أننا سنتقابل قريبا ، هيا جهز نفسك لتذهب معنا كشاهد ملك .
القهوجي : على ماااااااذا ...؟
الضابط : ستعرف كل شيء ريثما ندرك مبنى مباحث الجنايات .
سكت القهوجي وهو في صهوة الذهول مما يجري حوله . نظر إليه الضابط وسأله .
الضابط : حتما تذكر الرجل المرموق .
القهوجي : أجل سيدي وكيف أسهو عنه وهو أساس بلاء قريتنا .
الضابط : حسنا بل ممتاز ، هل تعرف شيء عن أماكن كان يتردد عليها الرجل المرموق ...؟ أو مخبأ كان يتعاطى فيه غير مكانه المعتاد في بلدتكم .
...؟
القهوجي : نعم سيدي أذكر أن هناك ما يشبه بمغارة عندها بيت خشبي تحوطه الأشجار ويتدفق من هناك نبع يصب في الوادي الكبير للبلدة . هو ليس بعيد من هنا .
الضابط : دلنا عليه بسرعة .
القهوجي : دع السائق يعود للوراء قليلا هناك طريق فرعي ترابي يستعمله رعاة الغنم دائما . سيروا على طول الدرب الترابي قبل نهايته هناك كومة من صخور كبيرة من ثَم تكمل السير على الأقدام بالسيارات لا تستطيعون الدخول لضيق الطريق .
الضابط : عظيم وصلنا ، أنت تبقى في السيارة و معك السيدة برفقتها طفلة وسيبقى معكم السائق ورجل أمن .
القهوجي : أمرك سيدي .
تسلل الضابط و رجال المباحث مسلحين قبل وصلهم إلى الكوخ أكملوا الدرب زحفا حتى لا يبصرهم أحد .
تمركزوا وحوطوا الكوخ مصوبين اسلحتهم نحوه ، ثم راقبوا عدد الموجودين هناك .
الضابط : استعدوا هناك رجلين جالسين على أريكة وواحد منهم يقف ناحية الباب ، هيا نكمل الزحف ، نصفنا يبقى في الأمام والنصف الآخر خلف الكوخ .
هزوا رؤسهم بالتأكيد .
النصف الذي من الناحية الخلفية قبعوا تحت الشجر عند الكوخ تماما ، فنظر أحدهم بحذر شديد من النافذة واذا به يهمس لزملائه ، بأنه يرى أحدا هناك يتحرك ، فأخذ مطوى كبيرة يحاول فك الشخب الهش ليعبر للداخل لأن الغرفة معتمة لا يحسن رؤية من فيها .
شعرت ميرا بوشوشات من الخارج فتحركت نحوى النافذة بعد أن نجحت ساندي بتمزيق الحبل وفك قيدها ، ثلبت من قميصها قطعة صغيرة مسحت بها النافذة ليعبر منها قليلا من شعاع الشمس ، حتى ترى من في الخارج لمحها رجل المباحث ، فطلب منها أن تلتزم الصمت وتبتعد عن النافذة ، وتحاول جاهدة مساعدته في تكسير بعض الشيء من الخشب المهترء نجحا بحفر طاقة صغير تكفي أن تعبر منها إلى الخارج ، ذهبت إلى ساندي بوجس ...
قالت ميرا : ساندي هيا حبيبتي اتكئي علي ذراعي وحاولي الزحف قليلا ، أرجوك لا نريد إشعارهم بشيء أعدك أن كل الأمور ستكون على ما يرام .
ساندي : حسنا ميرا أنا معك .
ساعدت ميرا ساندي حتى أوصلتها للحفرة وضعت رأسها ثم سحبها رجال المباحث بمساعدة ميرا لها .
ثم خرجت ميرا فتحررت المحاميتان .
وميرا تزحف لتصل إلى الضابط أحدثت صوتا أيقض المجرمين حتى هرع واحد منهم ليلقي نظرة على الرهينتين لكنه فَجَع بما حدث فصرخ يتحلف بأن يمسك بهما خرج واحد منهم ليلحق بميرا وساندي حتى وجد المباحث أمامه ، سلم نفسه دون أن يتفوه بكلمة ، لكن الأبله الذي في الداخل من فزعه وقلة تدبيره أطلق النار على المباحث فتصاوب رجل منهم برصاصة قاتلة ، فهجم رجال المباحث عليهم وعلت الأصوات والضجيج وردد الضابط قوما بتسليم أنفسكم أنتم محاوطون لا مجال للفرار هي سلما أنفسكم وتبادلوا إطلاق النار حتى تصاوب القاتل .
عاد رجال المباحث إلى مقر النيابة ، وكلهم عزيمة و في يدهم الرهينة وميرا يا ليتعاسة الرجل المرموق وزوجته .
نظر الضابط لميرا ابتسم
قال : أيتها المشاكسة الذي تعرف عليك وأنت في المشفى لن يصدق أبدا أنها هي بنفسها اللبؤة المتمردة التي تقف أمامي الآن .
ضحكت بغبطة وسعادة كبيرة تغمرني أنني كنت بحدسي على حق أن ساندي ما زالت على قيد الحياة .
ميرا : سيدي كل الإحترام لحضرتك لقد تعلمت منكم الكثير في هذه الفترة الوجيزة .
ذهبت لزيارة ساندي في المشفى ، أطمأننت عليها حالتها الصحية في تحسن ملحوظ أما النفسية فما زالت محبطة قليلا ، لم أشأ أن أخبرها عن ما توصلنا إليه من معلومات حتى تستعيد صحتها ، ولكي تواجه الإعصار الأخير في المحكمة لنقفل باب هذه القضية التي طما فيها ماء نهر الكره لما صنعه الجاني المتصنع الأبوة .
ثم توجهت إلى سرايا المباحث لأقابل أرملة العراب لا أعرف لما أشعر بأنها تخفي سرا ما زال في حوزتها .
طرقت باب غرفة الجلوس والإنتظار طرحت عليها السلام ، ثم لحق بي الضابط ومعه زميلة من المباحث مصطحبة صبية تكاد تكون في الرابعة عشر من عمرها أو أكثر .
نظرت إلى الضابط باستغراب ، فابتسم .
قال : ستعلمين كل شيء لا تقلقي ، هيا كلنا لغرفة المتابعة من وراء الزجاج ستتلقوا كل المعلومات سنقوم باستجواب الجاني أولا ثم شركاؤه وزوجته .
أما القهوجي وأرملة العراب والصبية فهم مدعوين للشهادة .
فُتح المحضر بساعته وبدأنا التحقيق بعد أن أكتملت لدينا كل الأدلة ضد المجرم وأعوانه .
التحاليل تؤكد بأن الرصاصة التي قتل بها والد ساندي من المسدس الذي عثرنا عليه في حديقة الجاني ، هو من أطلق النار والذي قام بكسر الرقبة فهي الجانية زوجته المغدور لم يمت فورا فمن غلها كسرت رقبته ، هذا اعترافها ، أما هو فكابر حتى ألقينا أمام محاميه تحاليل دم ساندي يستحيل أن تكون ابنتهم . أيضا بصماته على أداة الجريمة واضحة و من سوء حظه السم الذي قتلت به والدة ساندي احتفظ بقارورته مع المسدس وكان كل سنة يحتفل مع زوجته بانتصارهم وكان يضع المسدس والقارورة ليشكرهم لأنهم سبب ثرائه ، يا للجنون وقباحة الإجرام .
حولوا جميعا للنيابة ، بإنتظار أول المحاكمة .
وجاءت الساعة الكبرى والمفاجأة الثقيلة ستفجر في قاعة المحكمة ، أول من سئل القهوجي وضعنا أمامه صورة الجاني في ريعان شبابه فتعرف عليه و أشار بأصبعه نحو الجاني بأنه هو الرجل المشهور صاحب الصورة . أيضا تكلم عن حالة من الفوضى التي عيّش فيها أهل البلدة لسنوات وعن التّخريب والخروج عن القانون ومحاربة الحكومة وارتكاب الجرائم والتزوير والبلطجة وكانت زوجته الحالية شريكة له وبعض أصدقاء السوء .
ثم جاء دور أرملة العراب . عندما دخلت سئلت هي الأخرى عن الجاني
فأجابت ، ثم وضعت على طاولتي ومكتب القاضي صورا للزوجين المغدورين ، وإذا بها تستأذن بإدخال الصبية التي رافقتها ، سئلتها من الصبية .... ؟
قالت : دعيها تدخل ، وسترين .
ميرا : حسنا فلتتفضل مشكورة .
ما إن دخلت الفتاة حتى ضاج الجاني و أول مرة تتفاعل مع الحدث زوجته وصرخا كلاهما ابنتي .
جلست من هول المنظر والقاضي يطلب منهما الكتمان فورا واعادة الهدوء في القاعة ، لكن الجاني جن عقله وكاد يقفز من بين المقاعد ، لم أفهم تصرفهم حتى نطقت أرملة العراب .
قالت : هذه ابنتهم الوحيدة ، وأنا في منفاي الذي أمنني فيه الضابط والاستاذة ميرا خرجت لأقضي بعض الحاجات ، كانت تجلس هذه الصبية على مقعد يتوسط المدينة عند مطعم كبير وتبكي بحرقة حتى أشفقت عليها ، جلست بجانبها وشدني الفضول لأكلمها وأعرف ما بها
فردت علي .
الصبية : أتعرفين هذا الرجل الذي في التلفاز ....؟
أرملة العراب : نعم اسمع عنه كثيرا .
الصبية : إنه والدتي ووالدتي تعيش معه لا أراه إلا كل سنة ساعتين ، يتفقد أحوالي ويذهب لم أشعر يوما بحنانه ، أيضا مي قاسية الطباع جدا . وضع وديعة بإسمي وكتب لي شركة كبيرة و أطيان لكن لا استلذ منهم بفلس واحد .
أرملة العراب : حينها أيقنت أنه احتاط لنفسه وعرف أن فضيحته قربت ونهايته على الأبواب حتى لا تذهب ثروة ساندي لها كتب كل شيء بإسم ابنته .
ميرا : أشكرك جدا جدا لقد أنقضت ساندي من الإفلاس وضياع أتعاب والديها .
ثم دخلت ساندي وهي آخر المدعوين و أكثر المتضررين .
فقالت ساندي : لا أطلب سوى شيء من عدالتكم الموقرّة ، أن يعدما ليُشفى غليلي .
لكم أحتقرهم حرمت من والدي وأُختطفت وسرقت أموالي لن أسامحهم أبدا .
ميرا : الأدلّة كلها ضدهم اطمئني لن يروا جميعهم ضوء النهار بعد اليوم .
خرجنا من سرايا المحكمة تنتابنا مشاعر اختلطت بالحزن و الفرح والإرتياح والانتصار لا أعرف كيف أعبر عنها .
أما ساندي فطلبت من أرملة العراب أن تمكث معها في الفيلا ، ابنة المجرمين تولت أمرها لجنة رعاية اليتيم . وساندي كانت كريمة معها تركت لها وديعة قييمة حتى تبلغ سن الرشد تبتدأ حياتها بها ، هي ليس لها ذنب ولم تختر والديها .
والقهوجي عزمنا عنده وقال والدته ستطبخ لنا ضحكنا جميعا وقبلنا العزومة .
أما أنا سأرتمي في حضن أمي لكم اشتقت لحنانها ، واشتقت لأشتم عطرها وأقبلها آآآآه أمي حبيبتي .
توجه كل منا إلى حياته العادية وانتهت القضية .
النـــــــــــــــــــــــــــــــهايـــــــــــــــة
قصة (( الرهينة .... الليلة الغامضة ))
بقلمي ........./ خوله ياسين
25.02.2016
حقوق النشر محفوظة \رقم الايداع \المانيا \كولن\10\50
* عزيزي القارئ *
لقد قمنا بتحديث نظام التعليقات على موقعنا، ونأمل أن ينال إعجابكم. لكتابة التعليقات يجب أولا التسجيل عن طريق مواقع التواصل الإجتماعي أو عن طريق خدمة البريد الإلكتروني