أعدّني كما كنت...
قبل أن أعرفك
قبل أن يزورني طيفك
في كلّ احتضار...
يلتصّق بوريدي..
ويقود خطاي كل نهار..
أعدني كما كنت..
كأم, كربّة بيت مملّة
تراقب على الرخام
دبيب نملة...
أعلّم أولادي
دروس الحب والوفاء
وكيف يكون الصبر ؟
وكيف يكون العطاء..؟
أعدّ لهم أطعمة ,وبعض النصائح..
ان أخطأوا ...أسامح..
أرتدي جثتي المثقوبة بمئة منجل..
أترك جرحي للزمان علّه يندمل ..
أفعل كما يفعل "درويش"
والعاطلون عن العمل
أربي معهم " الأمل."..
أعدني كما كنت...
أقذف وجهي كل يوم
الى كهف قديم..
أسيّجه بالطين...
ألصّقه بكوم حطب..
أنتزع من عينه رقصات
اشتعال اللّهب..
ومن العين الثانية الهمّ والتعب..
أقرأ عليه فاتحة الكتاب..
وأخيط "الصمت" بخيوط من ذهب..
أعدني كما كنت..
أنام وأصحو على
أخبار المدينة الجريحة...
أنوح مع الأشلاء..
مثل غزال أضاع وليفه..
أدعو لله مع النائمين ...
على العبيد والظالمين..
أعدني كما كنت ..
أسرّح أوراق الأشجار..
ضفيرة , ضفيرة..
بمشط خشبي,بأعواد كبيرة ..
أسكب دمعي على التراب
علّه يزهر أجساد صغيرة ..
أسقيه كأس من دمي..
فيعرّش لبلابّ يورق
ليالي العمر القصيرة..
أعدني كما كنت..
أسبّح بمسبحتي الطويلة بعدد
الذكريات..
وأركن الحبّ على رفوف الغبار
في المكتبات ...
أجرف الثلج من جسدي فيذوب
وتكبر بيننا البحيرات..
أطير بأجنحتي وأغرد مع
عصفور وحيد قيثارة الحكايات...
أعدني كما كنت ..
أستمع لبومة تنعقّ..
فوق رأسي,عند براعم الزّنبق..
يعلو صوتها مجلجلا..
قبل أن تطير الى الأفق..
ويخيم هدوء مطلق..
أعدني كما كنت ..
أنتظر مالايجيء..
أنسج من خيوط الشمس
لعينيك خميلة ..
قبل أن تصبح أنت حروفي
أتنفسك في قصيدة..
وألتف حول ذراعيك..
مع السّحاب واليمامات الحزينة ..
أسألها عن مكانك البعيد..
أرتب,أنظف,ثمّ أعيد..
أحكي لأختي الراحلة..
عن هشيم صدري وخيبات السنين
عن حكايات الأولين
ألّقنّها دروسا خاصّة في الأنين..
أعدني لمشاعري المتيبسّة..
قبل انشقاق القمر ..
قبل أن يفزع عصفور على شجر..
وقبل ان أنقش اسمك على حجر..
كنت أقذفها خلف الباب كالمكّنسة..
أغرق بين القصص والروايات..
ألتهم كتب الحب والحنين..
أحكي لأمي حكاية سندريلا
وحذاءها الثمين..
وعن معبد مهجور تسكّنه الجنيّات..
أوقظ الموتى من نومهم ..
وأبكي اشتياق الأماكن للأجساد..
أرتشف الشاي وحبوب منومة..
تخفف انفجار الحزن في رئتيّ كقنبلة..
أرسل روحي كل يوم الى الجحيم..
وأعدها بحياة ثانية في النعيم..
أعدني لقلمي الأسود ومنضّدتي الحمراء
بين قصاصات الورق وحذف الأسماء..
أعدني لظلي الحبيب ....للمللّ
أعلّقه كل يوم على الحائط..
أقبلّه قبل أن أنام ..
أمسح دمعتين ذرفت من سقف
غرفتي ومن تشقّق الجدّران..
أعدني كما كنت ..
بلا بحر,بلا سماء,بلانجوم,بلا شطآن..
لاريح تعصّف في صدري
ولانار تسّتعر كالبركان..
أعدني كما كنت
بلا خفقان بين الضلوع..
أسدل ستائر النوافذ
لشتاء بلا دموع..
لا روح تلهف ,لاعهود..
أحصي أوراق عمري
أنتظر سفن الورود ..
عند شاطىء يجهلني..
أعدني كما كنت..
فأنا مذ عرفتك لم أعد أعرفني..!
# فاديا #
توثيق عشتار برس الإخبارية / جميع الحقوق محفوظة
19/12/2017
* عزيزي القارئ *
لقد قمنا بتحديث نظام التعليقات على موقعنا، ونأمل أن ينال إعجابكم. لكتابة التعليقات يجب أولا التسجيل عن طريق مواقع التواصل الإجتماعي أو عن طريق خدمة البريد الإلكتروني