خالتي الحورانية.. بعد عشر سنين ..
ثقافة 03 تشرين2/نوفمبر 2021
للكاتب : ديب علي حسن
الثورة أون لاين:
كان يوما عصيبا لايمكن أن يمحى من الذاكرة يوما فيه من الألم بمقدار ما فيه من الأمل..
بداية الحرب المجنونة على سورية والجنون الإرهابي على أشده لكني لم أتردد لحظة واحدة أن أقف ليصعد معي كل من يستوقفني على الرغم من كل ما في الأمر من مجازفة لكن يقيني أن الأمر لن يكون إلا فعل خير مع كثرة الحوادث التي تم استغلالها بهذه الطريقة
يعود الأمر إلى أني أمقت منذ الطفولة كل من كان يعبر قربنا بسيارته دون أن يشعر أن ثمة من أرهقه الانتظار و كاد يسقط أرضا من الوقوف والتعب ..وما أكثر من نعرفهم مروا دون أن ينظروا إلينا حتى بسلام ..
المهم نعود إلى خالتي الحورانية وإلى ذلك اليوم من عام ٢٠١١م وبعد أن تفجر الإرهاب وأخذ مساره كان الوصول إلى العمل أمرا محفوفا بالمخاطر في كل درب وكل شبر.
لكنها إرادة السوريين وتشبثهم بتراب الوطن ويقين النصر جعلهم يسخرون من كل إرهاب..
على اتستراد دمشق درعا وهو شبه خال من الحركة بعد معركة لم يكن قد مضى عليها إلا ساعات امرأة تشير لي بيدها دون تردد اتمهل قليلا ...سيدة بالسبعين من العمر قربها (تنكة) ..
أتوقف تتقدم خطوتين نحوي يا بني وين رايح ؟
أهلا ياخالة ...إلى دمشق ...هل تأخذني معك ؟ طبعا تفضلي ...أساعدها برفع العلبة المعدنية..
تبدأ حديثها ( الله لايوفكهم الشلاب خربوا عيشتنا اشنو ناكصهم كل شيء موفور ...الله يسود معيشتهم ).
أسألها إلى يا خالة ؟إلى...هذه تنكة جبن توصاية ...
تصل إلى أقرب مكان حفرت صورة الخالة هذه في ذهني ودارت الأيام وكلما رأيت الزي الحوراني أتذكرها..
منذ أقل من عام قرب سوق الدحاديل الشعبي حيث يمكن لك أن توفر الكثير بمشترياتك ..عجوز تشير بيدها للسيارات المتجهة جنوبا ...لا أحد يأبه لها ...اقتربت منها ...هي ذاتها ...تلك الخالة التي ركبت معي منذ عشر سنوات..
يعطيك العافية يا خالة ...إلى أين طريقك ...والله يا بني ناح حوران ...طيب إذا أوصلتك إلى جسر صحنايا ؟.
إيه تمام يا بني ( بيمشي الحال )..
وكان الأمر نظرت إلي مرات ومرات ...تفحصت معالمي ...تسأل :ابني انا شايفتك ..اي خالة...لم أكمل تذكيرها بالأمر..
كل أسبوع أراها تقف بالمكان نفسه تكون قد تبضعت أو باعت لا أدري...أقترب منها ..تفضلي خالة ...أفتح باب السيارة تضع أغراضها من الخضرة وغيرها وتروي لي معاناة اليوم ..تشكو ما صرنا إليه وتشتم أولاد الحرام الذين ..
أمس كانت تقف كالعادة تشير إلى السيارات ...اقتربت منها...مرحبا يا خالة....أهلا يابني والله توقعت تمر .(..وينك مبارح لم تمر ...أن شالله الأمر خير ..).نعم ياخالة ..تفضلي إلى جسر صحنايا ..
حين كانت تنزل أغراضها أمسكت بباقتي نعنع أخضر وقالت :بالله يا ابني هذه لك ...
لا يا خالة لا ..وجودك معي بركة ...تبتسم وتردف :والله شايفتك من زمن بعيد لكن أين لا أدري...
خالتي الحورانية التي بلغت الثمانين ومازالت تعمل وتعرف الصواب وبوصلتها الوطنية لم تخب لحظة واحدة ...لك مني السلام ..المرة القادمة سأقول لك :كيف عبرنا عقدا من الزمن والتقنيا هنا بفضل الدم الطهور...كوني خالتي الحورانية وكل أمهات سورية بخير ...لنا لقاء وحديث .
* عزيزي القارئ *
لقد قمنا بتحديث نظام التعليقات على موقعنا، ونأمل أن ينال إعجابكم. لكتابة التعليقات يجب أولا التسجيل عن طريق مواقع التواصل الإجتماعي أو عن طريق خدمة البريد الإلكتروني