الحب لا يليق بمثلي،تلبدت السماء بالغيوم ،تراكمت عليها هموم الأمس و هي في طريقها للمعرض،خطواتها تميل يمينا و شمالا،عيون شاردة في قصص الأمس،كانت الوريقات الصفراء تثير دموعها و تحفزّها على البكاء،حدثت نفسها بشغف عاشقة للتواجد أمام مرآة روحها،قالت:
كم اشتقت لتلك الأماكن التي تعيد لي ذاكرة قد نسيتها من زمن،و طفولة كانت هناك في شوارع الأمس، ما بي ؟ مالي أحدث نفسي كمجنونة انعتقت من سلاسل سجّانّها أهو الوهم أم حديث الروح للروح،كان الضجيج يعلو المكان عندما دخلت باب المعرض، وقفت دقيقة تعيد ترتيب فوضى حواسها و هي الحائرة في ثياب قد اختارتها، هناك نظرت إلى اللوحات على الجدار، أثارت انتباهها لوحة لوجه شاب يضج حيوية و بيده سيجارة ، تساءلت: ترى كم من الوقت استغرق ذاك الرسام و هو يرسم تلك الملامح ؟ ترى كم من تنهيدة عبرت صدره؟
هل وجه هذا الشاب قصة عمر أم لحظات حب طافت في حياته؟
كل تلك التساؤولات مرت في خيالها و هي تحاول ترميم صورة أحمد في عقلها،
هل ما زال حيا،أم أن الحرب دمرته كما دمرّت كل حلم جميل؟
أحمد تلك اللوحة التي صاغها الزمن بألوان مشرقة،و ربيع دائم و لكن لم تدم
تلك الفرحة فقد رحل أحمد و غاب دون معرفتها،و بقيت صورته المشرقة في خيالها. انتبهت فإذا بالرسام يقف بجانبها و يستنطقها عن سبب وقوفها هنا دون حركة
ّذرفت العيون دمع الندم، و هي تنظر للرسام بشغف محب لألوان الحياة ،كم تمنت
لو كانت تلك اللوحة في ذاك المرسم العتيق،خارطة أيامها عجزت عن استضافة وطن
كان لها ، كانت تود لو فتحت صندوق ذكرياتها و قصت عليه حكاية .. عشق شهرزاد
للسهر ،كانت ستقول له بأنها كانت لا تريد للصباح أن يأتي و يبقى شهريار
ذاك السيّاف في حضرة الحب
و انتقلت للوحة الثانية ،كان الوجع باديا على وجهه،تجاعيد حفرت بعدد أيام الشقاء،
و عيون متطلّعّة ،هي لا تعرف إلى أين؟
طافت في أرجاء المعرض، فإذا بلوحة لوجه أنثى معلقة على ناصية الطريق
كل الطرق مفتوحة و أقدامها ملتفة لا تعرف كيف تسير،هنا
رجعت للوراء، و قالت في نفسها ،هي أنا بذاك التردد الذي امتلكني و تركني
في حيرة، كل الذين عبروا في حياتي و لم يعبروا، التفتت لليمين
فإذا بالرسام يتبعها، و يسألها:
من أنت؟
هنا ترددت بالإجابة ،حقا من أنا؟
هل أنا تلك المنسية على أعتاب زمن؟
أم أنا من انتظرت القطار و جاء متأخرا و لم ألحق به،
لملمت شتات نفسها و أسرعت نحو الباب تاركة باب الأسئلة لرسام يمكن
أن تلهمه لوحة و تكون هي الحياة.
سمية جمعة سورية
* عزيزي القارئ *
لقد قمنا بتحديث نظام التعليقات على موقعنا، ونأمل أن ينال إعجابكم. لكتابة التعليقات يجب أولا التسجيل عن طريق مواقع التواصل الإجتماعي أو عن طريق خدمة البريد الإلكتروني