«هواي شرقي»
وضع يدع على رأسي بحنو الأب وقال :
اسمع يا بني الدنيا مراتب كما في أرض هناك سماء ،وكذلك في العلم والمعرفة والثقافة والفن وفي الحياة الاجتماعية تتفاوت طبقات المجتمع بين غني وفقير ومتوسط الحال ...وبين إنسان يملك الأخلاق والقيم وإنسان تعشش الفوضى في مسامات جسده وروحه خربة لا يعرف من الدنيا سوى ان يملأ بطنه بما لذ وطاب وتهف نفسه الأمارة بالسوء إلى رغائبها الدونية يتلذذ بالشهوة كأنه يحقق مآربه دفعة واحدة ،ولا يفرق بين ما حُلل وما حُرم !
وكذلك هو الحب كل يفسر على قدر استطاعته .
ماذا تكتب قالت وهي تتكئ بصدرها الناهد على وجهي اترك ها القلم من يدك تكاد ان تفقد بصرك وان غارق بين الورق والحبر ...تعال اقترب مني أكثر همست في أذنه،وأنت تلثم عنقي بقبلاتك تزيدين اشتهاك .
ما بالك تنفرني ،منذ مدة اشعر كأنك تعيش وحيداً ،
ألم تعدني أن تبقى تحبني حتى لو تجازونا العمر وأصبحنا نخطو على عكازين ؟
يبدو انك نسيت وعودك !
التفتت نحوه وهي ترسم على محياها ابتسامة شغفة "لا يكون عشقان امرأة غيري "؟
اخرج من حقيبته الجلدية كتاب قديم
قال: قدري العشق...
أنا أحاول كتابة دفتر ذاكرتي قبل أن تتيبس ويصيبها النسيان ولم اعد قادر على مسك القلم أو العودة إليها انبش فيها عن دفاتر حكاياتي القديمات ..أريد ان أدون كل مفردة وكل كلمة وكل حرف قاله لي والدي قبل ان يلحق بركب الشهداء إلى الضوء ...
اذا كنت لا تثقي بي تعالي واقرأي
وتابع كتابته :
"حديث وجدي قديمٌ في محبتهِ....وسامراً لي غدا في ليل غيبته
ولم يزل ذاكراً في عهد صحبته...منعماً في الكرى طرفي برؤيتهِ
فليته يقظة لي جاد بالأمل"؟
.....
يا ريح تلك البراري الواسعات
لو تدري كم ركضت حافي القدمين في ربوعها؟
هذا هواي..
كأن بي آلام الأجيال مذ أشرقت على البلاد
(شمس نيسان وآذار..)
أبجدية «سرمدية»..
همت به أكابده شغفا..
حتى صار يسري في دمي..
أوجعت الخطوب روحي..
و»تغيّرت مسارات الدنيا»!
«عهدي الوفاء»..
والناس من حولي..
انشغلوا «بالقيل والقال»؟
وأنا على عشقي « قبض كفيّ جمر»..
هو لهيب يكوي مهجتي بالنار؟
«هي الدنيا مدرسة منذ طفولتي وأنا شغف في معانيها.. ولم أزل أنهل من خوابي اللغة وأتعلم».
كتبت السنين على جبيني: «ومضى قطار العمر وصارت المحطات خاوية وحدها الشمس تنده على حجارتها ولا شيء إلا «الصمت».
كأن الأمكنة لا تؤمن بالقيامة بعد الموت..!
«سمعت صوتاً عابراً»: أأنت تؤمن.. نظر إلى المساء وقال: أنا أؤمن بأن «الروح لا تنفني»!
عجيب أنت…!
وأي عجب…؟
لا استطيع مقاومة إغراء نظرات عينيك المتسائلة..
«أراك عصي الكلام تذهب إلى تغير الحديث كلما أحرجتك أسئلتي..!
هات اسقني من كفيك «نهلة» فيها ماء عذوبته تمنح عجوزاً أن يستعيد نضارته..!
هات يدك لنمضي حيث يشاء الهوى نتخفى خلف الغيم «نكنكن» على عشقنا بين صخرتين غارقتين في ملح البحر.
– «ترانا السماء ولا يرانا البشر»..
وقفت في مواجهة الريح فتحت ذراعيها على اتساع صدرها وصرخت…
يا بحر في لونك الأزرق عالم لا متناهٍ من الأسرار والحكايات.. جئت ألقي عليك بوح كل ما سكت عنه بالصمت.
حيث هنا لا أذن تسمع ولا عين ترى..!
يا للذكريات.. «تذكرت مقولة قرأتها هل رأيت دموع المطر» وبت ليلي أفكر هلل للمطر دموع مالحة؟!
وحياة خضرة (الله) في عينيك.. ما طابت لي بعدك الحياة..؟
قال البحر «كيف تركت الدنيا وراءك وأتيت؟
كأني أقـــرأ في تجـــاعيد وجــهك «رواية مسارتها وعرة، تعــب ولهيـــب حنين».
«جلست» أرقب الشمس كيف تلقي على البحر عباءة الأرجوان ورحت أتعلم من «أبجدية الجمال» كيف ينكتب اللازورد قصيدة شعر..
ضحكت وغمزت بلحظ عينيها الساحرتين كم مرة كتبت: «أنك تغرق في بحور الشعر ولا تعرف كتابته..»؟
هو كذلك..
وأعرف بأن اختلاجات الشوق جوى النبض لا يدرك معانيه إلا المحبون..
الحياة صهرت بقاياي في بوتقة السنين وألبست رأسي قميصاً من بياض..
«أتقمّص» دور البحار – مع اني أخشى الغوص حتى في هدوء موجك يا بحر..
لو جئت وجدتني مكوّماً على الرمل البليل أكتب بإصبعي المرتجفة بعض أسراري.. وأرسم وجه امرأة في عينيها لمع يشع كنجمة الصبح تشتهي الطواف من حول القمر!
..........***......
إلى ابني أحمد حسن الناصر
حيث يسكنه الغياب وأنا لم أزل
اقبض على جمر الانتظار.
-حسن إبراهيم الناصر
* عزيزي القارئ *
لقد قمنا بتحديث نظام التعليقات على موقعنا، ونأمل أن ينال إعجابكم. لكتابة التعليقات يجب أولا التسجيل عن طريق مواقع التواصل الإجتماعي أو عن طريق خدمة البريد الإلكتروني