بقلم : م.معتز الكوسا
دول حوض البحر الأبيض المتوسط هي أكبر المناطق المنتجة لمادة زيت الزيتون، و
تنفرد إسبانيا لوحدها بنصف إنتاج العالم تليها إيطاليا واليونان والبرتغال، لتحتل سورية
المرتبة الخامسة
عالمياً بالإنتاج لعام 2004 (المجموعة الإحصائية، 2005).
تتأثر جودة زيت الزيتون بعدد من العوامل البيئية و نوع الصنف المزروع و مرحلة
قطاف النضج و طرق العصر و فترة وطريقة التخزين، مما يَحدّ من تصدير الزيت و
استهلاكه، و قد وضعت هيئة المواصفات القياسية السورية عام (1979) تصنيف
يتماشى مع معايير المجلس الدولي لزيت الزيتون (IOOC)، يتضمن ثلاث درجات
مقبولة
للتصدير عالمياً :
درجة ممتازة لا
تزيد حموضتها الحُرّة عن 1% (امتصاصية أقل للأشعة فوق البنفسجية).
درجة أولى لا
تزيد حموضتها الحُرّة عن 1.5%.
درجة ثانية
لا تزيد حموضتها الحُرّة عن 3.3% (امتصاصية أعلى للأشعة فوق البنفسجية).
و بشأن جودة و نوعية زيت الزيتون السوري نظمت هيئة الطاقة الذرية السورية دراسة
دقيقة حولها (عجلوني و مراد، 1995)، تلتها دراسة لمركز أكساد (حيدر، 2001)
أثبتت بموجبها مواصفات و معايير جودة زيت الزيتون السوري لأهم و أوسع الأصناف
انتشاراً بالروزنامة الزراعية السورية للزيتون، و تتجه سياسة وزارة الزراعة حالياً
للتعريف بأهمية و جودة المنتجات الزراعية السورية المُعدّة للتصدير في الرباعية
الإقليمية العربية (العراق، سورية، لبنان، الأردن)، و نلاحظ جهود مثمرة لوزير
الزراعة بذلك دون أن نجد دراسات و قراءات تدعم هذه الأهداف من قبل العاملين
المختصين بالوزارة، و يكثر الحديث و تتوالى التصريحات الارتجالية بالآونة الأخيرة
عن زيت الزيتون
السوري و مدى جودة نوعيته للتصدير.
إضافة إلى كساد محصول الحمضيات دون القدرة على تسويقه محلياً و خارجياً و الحرائق
التي أخذت مساحات واسعة من حقول المزارعين في الساحل السوري منذ سنتين مع
التعويض المحدود المتناسب مع الإمكانيات، يتعرض منتج المزارعين في تلك المنطقة
للتشكيك بجودته، و يتوجب علينا التفريق بين زيت زيتون "الخريج" و زيت الزيتون
العادي، فالخريج لحد الآن لم يجري تحليله بشكل دقيق للحكم عليه، أما العادي جيد جداً و
يستعمل في القلي كونه يتحمل درجات حرارة عالية مع ثباتيّة أكثر بمواصفاته مقارنة
بزيوت القلي النباتية الأخرى وهذا مؤكد و مثبت بأبحاث عالمية مُحكّمة (Casal et al, 2010).
يوجد خلط لغوي و علمي لدى المتحدثين غير المختصين بهذا الشأن عندما يتم ربط
حموضة و حديّة الطعم لزيت الزيتون مع قرينة الحموضة الحُرّة للزيت، فلا علاقة لهذين
المصطلحين ببعض بل مؤشراتهم متعاكسة تماماً فالطعم الحامضي و الحديّ يعود لوجود
التوكوفيرول و الفينولات التي تنخفض بعد سنة من تخزين الزيت إلى النصف تقريباً
للأصناف المحلية (زياد وتي، 2001) أو حتى 90% للأصناف الإسبانية (Morell,
2004)، بينما رقم الحموضة الحُرّة يزداد بعد عام من التخزين للضعف تقريباً، أي أن
التخزين مفيد لحل مشكلة الطعم الحدّ و الحامض و يناسب الاستهلاك المحلي و التجارة
الداخلية، و لكن التخزين لا يفيد التصدير و التجارة الخارجية لأن قيم الحموضة الحُرّة
ترتفع بموجبه و بالتالي سيتم رفض إرسالية التصدير من قبل الحجر الصحي النباتي عند
فحص النسبة المئوية لحمض الأوليك، و يكون التصدير الفوري ضروري للزيت ذو رقم
البيروكسيد المرتفع على أن يُذكر صراحة على العبوات أنه مخصص للقلي فعند تعرّض
زيت الزيتون
للحرارة المرتفعة تقل قيمة البيروكسيد.
أما قرينة الدلتا (Δ) فهي تشير إلى وسطي قيمة الامتصاصية للأشعة فوق البنفسجية عند
أطوال الموجتين nm270 وnm 232 بواسطة جهاز المطياف الضوئي ثنائي الحزمة
باستخدام مذيبات عضوية كالسيكلوهكسان، و لا علاقة لعبوات التعبئة بها لطالما سيجري
التصدير دون التخزين، مع التذكرة بأنه يتوجب أن تكون العبوات عاتمة وأقل نفاذية
للضوء حتى لا يفقد الزيت لونه بموجب
الأكسدة الضوئية ويتحوّل إلى لون شفاف بعد 10 سنوات.
علاوة عن المقاييس الحسية للزيت كاللون و التذوق و الرائحة فإن رقم البيروكسيد المُعبّر
عن نسبة مضادات الأكسدة بالزيت يجب أن لا تزيد قيمته عن (20 ميللي مكافئ) لكل
كيلو زيت. أخيراً نؤكد أن عينات الزيت المجموعة من منطقة واحدة قد تتباين كثيراً أثناء
تحليلها من عام لآخر تبعاً للعوامل المذكورة أعلاه ولكن مما ثبت لدينا بالدراسات
المرجعية أن زيت الزيتون للصنف المحلي (صوراني) يملك أقل درجة حموضة حُرّة
نسبية بشكل دائم عند التحليل، و ينصح بإكثار هذا الصنف و التوسع بزراعته إذا كان
الغرض منه
تصدير الزيت الناتج عنه.
* عزيزي القارئ *
لقد قمنا بتحديث نظام التعليقات على موقعنا، ونأمل أن ينال إعجابكم. لكتابة التعليقات يجب أولا التسجيل عن طريق مواقع التواصل الإجتماعي أو عن طريق خدمة البريد الإلكتروني