م. معتز الكوسا
وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي
صدر قانون الحراج السوري الأول وتعليمات الضابطة الحراجية المرتبطة به في المرسوم التشريعي رقم 86 لعام 1953م، وبعد لحظ ضخامة ومسؤولية العمل بالقطاع الحراجي من حيث الأرض وملكيتها والحقوق الموجودة عليها وطرق الانتفاع بها، والأحطاب و تراخيصها، ومادة الفحم وتجارتها، باشرت مديرية الحراج بتعديل قانون الحراج وتعليماته الناظمة تباعاً حيث أصدرت وزارة الزراعة ثلاثة قوانين للحراج في غضون 24 عام؟؟، وهي :
- القانون رقم 7 لعام 1994م.
- القانون رقم 25 لعام 2007م.
- وآخرها القانون رقم 6 لعام 2018م.
وكل قانون منها يُعدّل ويُلغي مواد وتعليمات من سابقه، وجميعها لا تعالج الواقع الحراجي الميداني حاليا والدليل هو إطلاق وزارة الزراعة مؤخراً عدة ورشات عمل لجمع مقترحات تعديل قانون الحراج الأخير الذي لم يمضي على وضعه حيز التنفيذ أكثر من ثلاث سنوات!!، علماً أن آلية تعديل القوانين الصادرة عن الجهات الحكومية تأخذ وقتاً وجهداً لا يُستهان به، وتكفي الإشارة إلى أن قانون الحراج الأخير المعتمد عام 2018م، قد تمت المباشرة بوضع مقترحات تعديله من العام 2010-2011م، لتناقش لاحقاً مع المستشارين القانونيين لوزير الزراعة ثم بمجلس الدولة ثم يُدرس القانون مرة ثانية في مجلس الشعب قبل إقراره.
المشكلة تكمن في أن اللجان المنعقدة من قبل وزارة الزراعة حاليا تفتقر إلى العاملين بالقطاع الحراجي ممن لديهم دراية فنية بالواقع الحراجي على الأرض، والخبرة القانونية بقوانين الحراج السابقة وقوانين أملاك الدولة والتشريعات العقارية، حيث شملت معظم هذه اللجان أساتذة جامعات وباحثين حراجيين وجمعيات بيئية وخبراء من جهات حكومية لها علاقة بالشأن الزراعي كهيئة الاستشعار عن بعد، ولكن ومع ضرورة وجود البعض من المجتمعين إلّا أن تعديل قانون الحراج ليماشي الواقع وليتجنّب حدوث حرائق حراجية واسعة على شاكلة ما جرى عام 2020م، يحتاج فعلاً إلى خبراء فنيين وقانونيين قد عملوا في القطاع الحراجي بأمانة.
الخلفية القانونية
ركّزت معظم القوانين السابقة على مراقبة المادة الحراجية (الحطب + الفحم) وما يرافقها من رخص قطع و تخزين وبيع بشكل رئيسي، دون إعطاء الأهمية الواجبة للأراضي الحراجية ذاتها، وتم بقانون الحراج الأخير التلافي بشكل غير كافي لبعض هذه الأخطاء، علاوة على صدور مراسيم لتعديل مفهوم (حرم الحراج) بالفترات الفاصلة بين التعديلات الثلاثة الأخيرة للقانون مما يؤكد مرة أخرى على ضعف المُشرّع المتعاطي بالشأن الحراجي، ومن الأمور التي تم التوسع بها في القانون الأخير السياحة البيئية، أنواع المحميات، الصيد والمنتجات الثانوية للغابة، ومما تم طرحه للمرة الأولى مبادلة العقارات الحراجية، ومفهوم اللجان الأهلية الحراجية الذي كان لي شرف المشاركة بإدراجه ضمن القانون الأخير وهو حل حقيقي للمقدرات المحدودة لفرق التربية والتنمية العاملة في دوائر الحراج بالمحافظات، وشريك أساسي بالوقاية من الحرائق الحراجية عبر تفعيل سكان جوار الغابة بالنهج التشاركي، ولكن ولغاية الآن لم يتم تفعيلها من قبل وزارة المالية بموجب قانون العقود رقم 51 لعام 2004م، لعدم الاهتمام والمتابعة من قبل المعنيين في وزارة الزراعة.
والأهم مما سبق نوع الأرض الحراجية وعائديتها وكيفية إدارتها من الناحية العقارية قبل الناحية الفنية النباتية فلا زالت بعض الأراضي في الساحل السوري مُدوّن على صحيفتها العقارية (وقف السلطان عبد الحميد) مع أن المُشرّع العقاري اعتبرها عقارات مُدوّرة، وقانون الأوقاف الجديد الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 16 لعام 2018 لم يعالج هذا المسألة بشكل واضح ضمن المادة 59 منه بالرغم من معالجته لمثيلاتها عندما ذكر أوقاف الحرمين الشريفين بنص حرفي، بالوقت الذي اندلعت فيه الحرائق الحراجية بشكل مفتعل عام 2020م، وأتت على مساحة حراجية تقارب 12 ألف هكتار أي ما نسبته 5% من المساحة الواقعية للحراج، وكان الهدف من ذلك التعدي على الأراضي الحراجية بالكسر وتغيير صفتها العقارية ولاحقاً ملكيتها، ولم يكن القصد من ذلك التخريب هو الحصول على الحطب أو الفحم الغير قابل للاشتعال لكون التفحيم يجري تحت التراب وبغياب الأوكسجين، أي ما قصدت قوله أن المخالف على دراية وافية بثغرات قانون الحراج أكثر من المتعاملين بالقرار الحراجي وللأسف.
الخلفية الفنية
يوجد في قانون الحراج الأخير أكثر من عشرة مواد وتعليمات بحاجة للتعديل بشكل مناسب حتى تتمكن الجهة التنفيذية (مديرية الحراج) والضابطة العدلية المرتبطة بها (الضابطة الحراجية) من إدارة الحراج بما يتماشى وأهداف قانون الحراج ذاته (الإدارة بشكل مستدام)، وعلى سبيل المثال مادة الحطب يتم الحصول عليها قانونياً وفق الموارد التالية :
1. المصادرات وبيعها بالمزاد العلني.
2. المستوردات ومخلفات المناشر المُرخّصة.
3. رُخص القطع في الأراضي الزراعية (مصدّات الرياح).
4. رُخص التنظيف في العقارات الحراجية الخاصة (مؤشر 60%).
5. نواتج عمليات مشروع التربية والتنمية المنفذ بالخطة السنوية الحكومية.
6. رُخص القطع عند فتح المعابر وشق الطرقات الحراجية بالعقارات الحراجية الخاصة والعامة.
وكل هذه الموارد المذكورة أعلاه لا تشكل في حدودها القصوى ما يزيد عن ثلث كمية الأحطاب المطروحة في السوق سنوياً مما يؤكد وجود عمليات قطع و تفحيم غير قانونية تفوق بأضعاف تلك المُرخّصة قانونياً وهذا يشير وبشكل واضح إلى عدم توافق التشريعات الحراجية الحالية مع الواقع الحراجي الراهن، وإلى تقاعس بعض العاملين في الحراج و الضابطة الحراجية عن القيام بواجبهم على أتمّ وجه وتواطؤهم أحياناً.
* عزيزي القارئ *
لقد قمنا بتحديث نظام التعليقات على موقعنا، ونأمل أن ينال إعجابكم. لكتابة التعليقات يجب أولا التسجيل عن طريق مواقع التواصل الإجتماعي أو عن طريق خدمة البريد الإلكتروني