الدكتور فضيل حلمي عبدالله
وعد بلفور المشؤوم..
لم يزل الشعب الفلسطيني يقوم حتى دحر الاحتلال
الصهيوني من أرضه..
أكثر من قرن و شعبنا يكافح و يقاوم هذا المشروع
الاستيطاني العنصري الإلغائي, الإحلالي, و الإقصائي, حيث فشل في أقتلاع شعبنا من
أرضه ووطنه في كل فلسطين التاريخية, حيث اسقط كل رهانات أساطين الحركة الصهيونية
العنصرية (الكبار يموتون والصغارينسون) إلا أن شعبنا والأجيال المتعاقبة على
النكبة قد واجه هذا المشروع الذي أعده الغرب الإستعماري بشقيه الأميركي و الأوروبي
و هو نتاج طبيعي الإتفاقية سايكس – بيكو, و وعد بلفور المشؤوم.
و يمثل "وعد بلفور"
الرسالة التي أرسلها آرثر جيمس بلفور, وزير خارجية بريطانيا عام 1917م, إلى اللورد
اليهودي ليونيل والتردي روتشيلد, يشير فيها لتأييد حكومة بريطانيا لإنشاء
"وطن قومي لليهود" في فلسطين. عزيزي اللورد روتشيلد يسرني أن أبلغكم
بالنيابة عن حكومة جلالته بالتصريح التالي الذي يعبر عن التعاطف مع طموحات اليهود
الصهاينة التي تم تقديمها للحكومة ووافقت عليها.
"إن حكومة صاحب الجلالة
تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وستبذل قصارى جهدها
لتحقيق هذه الغاية, على ألا يجري أي شيء قد يؤدي إلى الإنتقاص من الحقوق المدنية
والدينية وللجماعات الأخرى المقيمة في فلسطين أو من الحقوق التي يتمتع بها اليهود
في البلدان الأخرى أو يؤثر على وضعهم السياسي", سأكون ممتناً لك إذا ما أحطتم
الاتحاد الصهيوني علماً بهذا البيان. وقد عرضت الحكومة البريطانية نص تصريح بلفور
على الرئيس الأميركي ولسون, ووافق على محتواه قبل نشره, كما وافقت عليه كل من
فرنسا وإبريطانيا رسمياً سنة عام 1918م.
وشجع الوعد عمليات الدعم
السياسي البريطاني الرسمي لليهود, وشجعت على هجرتهم من كافة أنحاء دول العالم إلى
أرض فلسطين.
واتخذت الحركة الصهيونية
العالمية من هذا الوعد المشؤوم على الشعب الفلسطيني, مسنداً لتدعم به مطالب اليهود
المتمثلة, في إقامة الدولة اليهودية في فلسطين العربية, حيث قامت العصابات
الصهيونية في العام 1948م, وبمساعدة المستعمر البريطاني, بشن حرب على الشعب العربي
الفلسطيني, واتكاب لحقه العشرات من القتل والحهير والمجازر.
وبرغم من هذه المجازر العنصرية
حتى ومرور 105 على اقامة هذا الكيان الاحتلالي, تمكن الشعب العربي الفلسطيني من
إنجاز الصمود و البقاء و التجذر بالأرض توج في الثلاثين من اَذار يوم الأرض, و
كانت نقطة التحول في الانتقال لإعلاء المساهمة في بناء المشروع الوطني و إنجازه,
كما هو حال الأهل في الضفة و القطاع و القدس, الذين استهلموا االدروس والعبر من
نكبة العام 1948, فتجذروا في الأرض أيما بتجذ, و معهم كل اللاجئين الذين قطنوا
عشرات المخيمات في الضفة والقطاع اما الشتات, فقد صمد في المخيمات و بدأ يبحث عن
دوره الوطني و القومي, فقد كان حاضراً في الثورات على مختلفها في مصر و سورية و
العراق ووقف متضامناً مع الثورة الجزائرية, إلان استحضر دوره في تاسيس منظمة التحرير
الفلسطينية و الثورة الفلسطينية المعاصرة التي احتضنت في مخيمات الشتات التي قدمت
عشرات إلالاف من الشهداء و الجرحى والأسرى, فالشعب الفلسطيني لم تنكسر ارادته
يوماً.
و ما أشبه اليوم بالبارحة,
فالنظام السياسي العربي الرجعي كان متواطأ لا بل مشاركاً مطيعاً في تطويق الحالة
الفلسطينية و حالة التحرر الوطني العربية.
فالحالة العربية اليوم أسوأ من
بكثير من تلك الحالة التي سادت من الحرب العالمية الأولى حتى عشية الحرب العالمية
الثانية, فبتنا اليوم أمام سايكس –بيكو2- ووعد بلفر 2, بعد إعلان ترامب عن صفقة
القرن و التي توضحت استهدافاتها المباشرة في البعد الفلسطيني و في المقدمة نقل
السفارة الأميركية إلى القدس و إعلانها "عاصمة موحدة" للكيان الصهيوني
العنصري, فيما تنتقل الأنظمة الرجعية العربية للإنخراط المباشرفي هذا الشروع لنسف
مفهوم الصراع العربي- الصهيوني, و تشويه مفهوم الأمن القومي العربي, و الإنتقال
الكلي للتحالف مع العدو فوق الطاولة, (و جعل الجمهورية الإسلامية الإيرانية كعدو
مفترض) أي استعداء الأصيل الإقليمي المؤيد بالمطلق للقضية الفلسطينية, لمصلحة
الدخيل على شعوب المنطقة و الإقليم, و قد مهدت هذه الانظمة هذه البيئة السياسية
الجديدة, بدعم الارهاب و الحروب التكفيرية على امتداد الوطن العربي و هي صناعة
أميركية – صهيونية بامتياز, بغية خلق مناخات صراعية داخل الاقطار العربية و في
الإقليم, بهدف تأمين البيئة المناسبة ليهودية الدولة العنصرية في القرن الحادي و
العشرين, و بهدف تحقيق الدور الريادي للعنصرية الصهيونية بين الدول المحتربة في
داخلها و خارجها, و التحفر للقفز على الثروات و خاصة إحتياطات النفط و الغازات
الهائلة و مشروع نيوم20-30 و حفر قناة بديلة عن قناة السويس من البحر الأحمر
للمتوسط و بالعكس, و لذا فهذا الحقن و الحشد العسكري في الخليج و التصعيد الخطير
الذي استهدف ميناء الفجرة و ربما امدادات النفط من شرق المملكة السعودية إلى
الرياض ..
ذلك أنما يذكرنا باحداث الحادية
عشرة من ستمبر الذي كان لللوبي الصهيوني دوراً واضحاً, لكن هذه المرة تسعى الدوائر
الصهيونية الدفيف المطيع لإدارة الولايات المتحدة الأميركية القديمة والجديدة,
الانتقال بإدارة ترامب من الضغط التفاوضي إلى التوريط العسكري لكل من الادارة
الأميركية و دول الخليج و التي سندفع قطعاً ثمن هذه السياسة. أمام هذا المشهد
الكارثي للنظام السياسي العربي الاداة المطيعة في تطليق صفقة تاقرن, كما أثبتت كل
الوقائع بعد إعلان ( ضم القدس, و ضم الجولان) ..
غير إن كل قوى محور المقاومة الحية في أمتنا,
تجابه هذا المخطط بشجاعة منقطعة النظير في فلسطين و لبنان وسورية و العراق و طهران
و اليمن ليؤمن طليعة مقاومة لحركة التحرر الوطني في بلادنا التي ننتظر فيها الدور
التاريخي المطلوب, حيث نستند جميعاً إلى تحولات إقليمية و دولية, فيما تسجل
الامبراطورية الأميركية التي تحكمت بالعالم باحادية استخفت فيها باقرب الحلفاء و
الشركاء في الغرب الأوروبي, بتراجع واضح بالوقائع الإقتصادية و العسكرية حول
العالم, و مخاض الصراع الدولي يسمي بالذهاب نحو عالم متوازن.
إن هذا المشهد الذي يحيط
بالحالة الفلسطينية. يتطلب إنها الانقسام, و مغادرة أتفاقات أوسلو, و على الفور
وقف التنسيق الامني, ووثيقة الاعتراف, و أتفاق باريس الاقتصادي, و الذهاب لحوار
وطني شامل مفتوح يقضي لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية عبر تشكيل مجلس وطني جديد
و الخروج باستراتيجية وطنية جديدة تكون بمستوى تضحيات شعبنا الفلسطيني, وتعيد
الأعتبار للقضية الفلسطينية ولجوهر الصراع العربي الصهيوني.
* عزيزي القارئ *
لقد قمنا بتحديث نظام التعليقات على موقعنا، ونأمل أن ينال إعجابكم. لكتابة التعليقات يجب أولا التسجيل عن طريق مواقع التواصل الإجتماعي أو عن طريق خدمة البريد الإلكتروني