كشف الدكتور محمد ابو سلمية رئيس مستشفى الشفاء في غزة، قبل اعتقاله من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي ونقله الى جهة مجهولة، أن قوات الاحتلال استولت على عدد من جثامين الشهداء من ساحة مجمع الشفاء الطبي خلال عدوانها على قطاع غزة، وهو الخبر الذي اكدته حركة المقاومة الاسلامية حماس ايضا.
العالم – مقالات وتحليلات
جرائم سرقة جثامين الشهداء الفلسطينيين ، ليست جديدة على الكيان الاسرائيلي، الذي اعتاد على هذه الجرائم منذ عقود طويلة، ووفقا لما ذكره رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة الأسرى والمحررين الفلسطينيين عبد الناصر فروانة، فإن الكيان الاسرائيلي ما زال يحتجز نحو 400 جثمان لشهداء فلسطينيين وعرب استشهدوا في ظروف مختلفة وسنوات متباعدة، مضيفاً، تضم قائمة هؤلاء الشهداء المحتجزين أشخاصا استشهدوا من سبعينيات القرن الماضي إلى حدود عام 2023.
سرقة جثامين الشهداء الفلسطينيين، ووجود قبور للشهداء في مقابر تحمل ارقاما بدون اسماء، تعرف بمقابر الارقام، ومنع سلطات الاحتلال ذوي الشهداء من تشريح جثامين ابنائهم لدى استلامهم لهذه الجثامين، أثارت العديد من علامات الاستفهام والشكوك حول الاسباب التي تكمن وراء تصرفات وسلوكيات المحتل الاسرائيلي ، والذي كان البعض يظن انها محالة لاذلال الشهداء وذويهم، او الاحتفاظ بها من اجل مقايضتها في صفقات تبادل الاسرى والجثامين مع الفلسطينيين، ولكن الاسباب الحقيقية وراء هذا التصرف الهمجي كانت مفزعة وفظيعة، بعد الكشف عنها لاحقا.
رغم ان الاصوات الفلسطينية المنددة بهذه الممارسة الوحشية، قد ارتفعت منذ وقت طويل، الا انه تم تجاهلها، حتى عام 2001، عندما نشر الصحافي السويدي المختص في التحقيقات دونالد بوستروم تحقيقاً كشف فيه سرقة الأعضاء من جثث الشهداء الفلسطينيين والإتجار بها من قبل جهات في الكيان إسرائيلي، وكانت هذه أول مرة يجري فيها كشف هذه الجريمة للرأي العام الدولي.
ما كشف عنه بوستروم، ذكرته الخبيرة في الكيان الاسرائيلي في علم الإنسان، الدكتورة مئيرا فايس، في كتابها الذي جاء تحت عنوان "على جثثهم الميتة"، حيث اشارت الى قضية سرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين، وقالت أنه في فترة ما بين عام 1996 و2002 تواجدت في معهد أبو كبير للطب الشرعي في تل أبيب لإجراء بحث علمي، وهناك رأت كيف كانت تتم سرقة الأعضاء، لا سيما من الفلسطينيين، بينما لم تمس اي جثة من جثث الجنود "الاسرائيليين".
اللافت ان الكيان الاسرائيلي يمتلك أكبر بنك جلود في العالم، متفوقا حتى على بنك الجلد الأميركي الذي أُنشئ قبله بـ40 عاماً، ورغم الفارق في عدد السكان بين امريكا والكيان الاسرائيلي، الا ان احتياطي الكيان من الجلد البشري يعادل 170 مترا مربعا، رغم ان اليهود يرفضون التبرع بالاعضاء لاسباب دينية يهودية، وهو ما يكشف ان مصدر كل هذه الجلود البشرية والاعضاء البشرية، هم الشهداء الفلسطينيين.
-وفي اعتراف صريح للمدير السابق لمعهد الطب الشرعي في الكيان الإسرائيلي يهودا هيس، وجاء في فيلم وثائقي عن القضية بث عام 2009، اكد هيس سرقة أعضاء الشهداء في المعهد. وقال: "لقد أخذنا القرنيات والجلد وصمامات القلب والعظام (من جثث الشهداء الفلسطينيين).. كل ما جرى القيام به كان غير رسمي إلى حد كبير .. ولم يُطلب إذن من الأُسر".
في عام 2009 ألقى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي القبض على مستوطن إسرائيلي يدعى ليفي إسحاق روزنباوم، اتضح بعد التحقيق معه أنه يؤدي دور السمسار في عمليات بيع الأعضاء في الولايات المتحدة لمصلحة خلية إجرامية يديرها حاخامات وسياسيون وموظفون حكوميون في الكيان الاسرائيلي، ويرجح الصحافي دونالد بوستروم، في تحقيقه المذكور، ارتباط هذه الشبكة بعمليات سرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين، وقال: "إن نصف الكلى المزروعة للإسرائيليين منذ بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين جرى شراؤها بشكل غير قانوني. ولدى السلطات الصحية الإسرائيلية المعرفة الكاملة بهذا العمل، لكنها لا تفعل شيئاً لوقفه".
رغم انه وعقب انفجار فضيحة سرقة الأعضاء عام 2009، خرجت حكومة الاحتلال الإسرائيلي من أجل التملص من التهم الثابتة ضدها، وأصدرت المتحدثة باسم وزارة الصحة الإسرائيلية وقتها إيناف شيمرون غرينبويم بياناً قالت فيه: "إن الممارسة التي تحدث عنها التحقيق هي قصة قديمة انتهت منذ سنوات"، الا ان طبع المحتل الاجرامي دائما وابدا يغلب تطبعه الكاذب، فقد دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان يوم السبت الماضي الى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة في احتجاز قوات الاحتلال الإسرائيلي جثث شهداء من مجمع الشفاء الطبي في غزة، والمستشفى الإندونيسي في شمال القطاع، وأخرى من محيط ممر النزوح إلى وسط وجنوب القطاع الذي خصصه على طريق صلاح الدين الرئيسي، خلال عدوانه على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وذكر الأورومتوسطي أن جيش الاحتلال الإسرائيلي عمد كذلك إلى نبش مقبرة جماعية جرى إقامتها قبل أكثر من 10 أيام في إحدى ساحات مستشفى الشفاء واستخراج جثث الشهداء منها واحتجازها، واشار المرصد الأورومتوسطي الى سرقة أعضاء من جثث الشهداء، التي تم فحصها من قبل أطباء في غزة، لاحظوا سرقة أعضاء مثل قرنية العين وقوقعة الأذن، وأعضاء حيوية أخرى مثل الكبد والكلى والقلب.
-القانون الدولي يؤكد على ضرورة احترام جثث القتلى وحمايتها أثناء النزاعات المسلحة، وتنص اتفاقية جنيف الرابعة على ضرورة اتخاذ أطراف النزاع كل الإجراءات الممكنة لمنع سلب الموتى وتشويه جثثهم، الا ان الكيان الاسرائيلي وبسبب الدعم الاعمى والمطلق لامريكا والغرب له ، وهو دعم حصّن الكيان من اي مساءلة قانونية، بل جعله فوق كل القوانين، يتجاهل ويضرب بهذه القوانين عرض الحائط، كما شاهد العالم هذه الحقيقة المرة والمؤلمة، عندما قتل اكثر من 10 الاف طفل وامراة، مستخدما قنابل فتاكة، حصل عليها من امريكا، ضد اهداف مدنية، دون اي رادع قانوني او اخلاقي او انساني، لذلك لابد من تشكيل حراك وطني وعربي واسلامي ودولي، سياسي وقانوني وديبلوماسي فاعل، لوضع الراي العام العالمي، في صورة هذه السياسة الاجرامية، سياسة احتجاز جثامين الشهداء بهدف سرقة اعضائها، من اجل الضغط بصورة أوسع على سلطات الكيان الإسرائيلي، كما تم الضغط عليها عندما تم الكشف عن حقيقة اجرامها في غزة خلال 49 يوما، امام الراي العالمي، والذي تمثل بالمسيرات والتظاهرات والاحتجاجات المليونية التي شهدتها المدن في امريكا واوروبا والغرب، بفضل جهود المنابر الاعلامية لمحور المقاومة، والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وجميع الاحرار في الدول العربية والاسلامية والعالم، والتي كشفت زيف الرواية الاسرائيلية، وصدقية الرواية الفلسطينية.
المصدر : العالم – مقالات وتحليلات
* عزيزي القارئ *
لقد قمنا بتحديث نظام التعليقات على موقعنا، ونأمل أن ينال إعجابكم. لكتابة التعليقات يجب أولا التسجيل عن طريق مواقع التواصل الإجتماعي أو عن طريق خدمة البريد الإلكتروني