إصرار البعض على “قوة لبنان في ضعفه”.. غباء أم التاريخ يعيد نفسه؟

 ما يحصل في غزة حرب تدمير و تحرير

بعد مرور أكثر من شهر ونصف على ملحمة  طوفان الاقصى، و مشاركة عدد من جبهات في الحرب الاقليمية الجارية على أرض قطاع غزة ، وبعدد سكانها الذين يفوق المئتان مليون إنسان غالبيتهم من الشباب الفلسطيني المقاوم وليست مقتصرة على غزة ومساحتها التي لا تجاوز الثلاثمائة وستون كيلو متر مربع والمحاصرة لعشرين سنة وتقتل وتصبر وتصمد، و تببتكر وتبدع، وتنتج رجالاّ هم درة رجال القتال في المعارك و أبسلهم.

وبرغم كل ما هو جار، ووصف الحرب من قبل خبراء عالميين مشهود لهم بانها الحرب العالمية الثالثة، ووصف كبريات الصحف العالمية السيد حسن نصرالله بانه الرجل الذي يملك مفاتيح الحرب العالمية.

مازالت نظرية المؤامرة جارية، كما تنظيرات اقتصادوية لا علاقة لها بالوقائع والمعطيات والتطورات.

والنظريتان تقومان على ان حماس اخوان مسلمين والاخوان لا يؤتمن منهم وعليهم.

وان نجاح ويسر العملية يسمح بالاستنتاج انها مخططة مسبقا ومتفق عليها مع أميركا وربم الكيان الصHيوني الغاضب، وان شطب شمال غزة وتهجير اهل غزة إلى الجنوب بقصد تمرير قناة بن غوريون القاتلة لمصر وقناة السويس في سياق التطبيع السعودي الصHيوني ولتامين الطريق الهندي بديلا عن الطريق والحزام الصيني.

وتجزم النظريات المشككة بانه كيفما جاءت النتاىج فستعزز خيار التسوية وتصفية القضية الفلسطينية واعادة تشغيل المخطط الأميركي لتفتيت المنطقة وتقسيم المقسم فيها، لتفويض دولة الكيان الصHيوني وتأمينها وتامين السيطرة الأميركية وكسر روسيا الصاعدة 

وتنطلق من فكرة ان أمريكا والكيان الصHيوني  قوى قهري وقدرية يستمر الزمن طوعهم وطوع مشاريعهم وخططهم ومصالحهم في المنطقة العربية..

ألا أن الواقع ينفي وينسف تلك النظريات واقتصاداتها. 

فمن بدا الجولة حركة حماس ومحور المقاومة سارع لدخول الحرب وتنسيق الجهد على الجبهات، ولم تبدأها او يخطط لها هذا الكيان الصHيوني والثابت ان لا كتائب القسام ولا محور المقاومة يعمل مع او عند هذا العدو الصHيوني شريكته الولايات المتحدة الأميركية،  وقادة حماس لم يعلموا بالعملية الا بعد تنفيذها بساعات.

 اما تحقيق اهدافها بسهولة وبنتائج تفيض عن الحروب الكبرى يعود لدقة التجهيز والسرية والمفاجأة والخبرة العملية في القتال والبديهية،أضافة إلى الظروف التي وفرت اسباب وشروط نجاحها الباهر وبلوغها درجة العمل الاعجازي والعجائبي، وفي تجارب الشعوب كثيراً ما يشبهها وبمستوى عجائبيتها، ناهيك عن ان هذا الكيان الصHيوني أصلا في حالة ازمة بنيوية وعميقة وجيشه مترهل وانماط دفاعها قامت على دور التكنولوجيا التي يمكن تعطيلها والحروب تحتاج لحسمها وانجاز اهدافها الرجال والرجال المحاربون هم في صف وجند محور المقاومة كما اثبتت التجارب والحروب منذ خمسين سنة.

وبكل حال لا يعيب حركة حماس ولا كتائب القسام ان تكون اخوانية او متحالفة معهم او على هامشهم، ولا عيب عليها توسيط قطر للتفاوض، فالميدان هو الحاسم وليس طاولات التفاوض وتشاطر المتفاوضين.

 ويسجل لكتائب القسام  هذا الانجاز العبقري مضافاً إليه القتال البطولي والتحكم بمسارات الحرب وبامتلاك قدرة على السيطرة والتحكم والاتصالات في حرب حقيقة وفي وجه عملية تدمير شاملة وبمشاركة اكبر دولة في العالم الولايات المتحدة الأميركية واطلسية مباشرة في الحرب وادارتها.

وبكل الاحوال فالعملية اسقطت قدرات دولة الكيان الصHيوني وأسطورتها وكسرت كل الحملات التي صورتها سوبر مان وقوة قاهرة لا يجرؤ احد على مهاجمتها..

وغزة تستنفر وتستنهض العالم، والحراك الشعبي عارم ومتصاعد وتغير غزة في ثقافة وقيم الشعوب كما عرت الأطلسي والانكلو ساكسوني.

وكيفما انتهت الحرب واي سبيل ستتخذه فأيام الكيان الصHيوني العادية باتت معدودة فبقائه مسالة أيام إذا عصفت الحرب وتحولت الى حرب يوم القيامة في مختلف الساحات واسابيع أو أشهر اذا استمرت الحرب لأشهر باعتبار أن العدو الصHيوني واميركا لا تتحملان حرب استنزاف طويلة ولا النخب الأوروبية، لو إبادة نصف أهل غزة تعني إبادة الكيان الصHيوني والقواعد والمصالح الأطلسية في الإقليم ، وإذا توقفت الحرب وعدنا إلى حرب الجولات وترصيد النقاط فغزة و كل فلسطين منتصرة والكيان الصHيوني ستنفجر على نفسه ويستحيل عليه قبول حل الدولتين والانسحاب وتفكيك مستوطنات يهودا والسامرة والجولان. وانتصار غزة والنقمة لأطفالها سيدفع بالفلسطينيين الى التمسك بالحق العربي القومي كاملاً اي تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، وتتقاطع استطلاعات الرأي ورأي الخبراء بان أكثر من مليونين من المستوطنين بمجرد وقف النار سيرحلون وتستمر الهجرة المعاكسة ويختل لتوازن الجغرافي بصورة دراماتيكية والسلاح و الصواريخ والرجال سيصيرون في الضفة كما هم في غزة والضفة في قلب فلسطين وعلى احتكاك من مسافة صفر مع الجيش الاحتلال والمستوطنين.

بغض النظر عن من قرر العملية وما هي اهدافها عند تنفيذها الا انها اطلقت تفاعلات وستطلق نتائج بأبعاد استراتيجية وما فوق استراتيجية لجهة ما تحقق فيها وما كشفت عنه، ولجهة تأثيرها على اميركا وانتخاباتها ومستقبل وجودها في الإقليم وذات الشأن بإزاء النخب الأوروبية الحاكمة والتي سارعت لكشف حقيقتها نصيرا لهذا الكيان الصHيوني وتدمير المشافي وقتل الاطفال والنساء.

فليس من مكان لمشروعات احتلالية أميركية ولا فرصة لإنشاء قناة بن غوريون، او نجاح استراتيجية تفتيت المقسم في العرب فذاك زمن اصبح من الماضي وطوفان الاقصى دفنه والى الأبد.. 

اي كانت دوافع عملية طوفان الاقصى، ومقاصد المبادرين شكلت ارهاصا للمستقبل وقررت أن الحل الوحيد للصراع بات تصفية الكيان الصHيوني وليس تصفية القضية الفلسطينية.

ولن يكتب بعد اليوم سطرا واحداً في مشروعات التطبيع والابراهيمية ولا في احتمالات انجاز تسوية للصراع العربي الصهيوني فقد انتفت ظروف وشروط التسوية مع قتل الصهيوني لرابين لأنه اعطى وعدا بالانسحاب حتى خط الرابع من حزيران ١٩٦٧ فكيف تستطيع جهة ان تفرض على الكيان الصHيوني ما رفضته من قبل مع رابين وحزبه وقد اختلت بنيتها وتوازناتها المجتمعية لصالح المتطرفين والمتدينين الذين هم أكثر قتل وعدوان وبطش وإرهاب.

د. فضيل حلمي عبدالله